منتجع شتافنيتسا: جوهرة بولندا الصحية في أحضان جبال بينيني!
صلاح سليمان
Salah.soliman@gmx.de
تتمتع بولندا بمنتجعات سياحية خلابة للغاية، ويعد منتجع شتافنيتسا عند سفوح جبال بينيني، والذي يرجع إلى أكثر من 200 عام، واحدًا من أجمل المنتجعات الصحية في أوروبا، ولا يبعد عن مطار كراكوف أكثر من ساعتين بالسيارة. أسس المنتجع الطبيب جوزيف ديتل عام 1857، وقد اكتشف مزيدًا من الينابيع المائية الحرارية التي تعالج العديد من الأمراض. وفي عام 1909، أضاف العلاج بالاستنشاق في غرف خاصة، ووسع المنتجع في سهول الكاربات المحيطة.
يضم المنتجع 12 نوعًا من الينابيع الأرضية الحامضية. تقول برينديتا كوتسوبوسكا، من إدارة المنتجع، إن هذه المياه غنية بالأملاح المعدنية والعديد من العناصر الدقيقة، ولهذا السبب اشتهر المنتجع بعلاج أمراض الجهاز التنفسي والعصبي، وأمراض الحساسية، واضطرابات العضلات والعظام، والتهابات المفاصل والعمود الفقري، والأمراض الروماتيزمية. ويوفر المنتجع 42 نوعًا من العلاجات، كلها تعتمد على العلاج بالماء. يحرص الأطباء والموظفون المؤهلون على اختيار العلاجات بشكل صحيح وتطبيقها بشكل فعال، ولهذا يخضع المرضى لفحص دقيق قبل بدء العلاج لضمان ملاءمته.
الأجواء المحيطة الطبيعية والبيئة الفاتنة، مع جودة الطعام وعدم وجود تلوث في الهواء، كلها عوامل تساعد في تحسين الصحة واللياقة البدنية في المنتجع. السهول المحيطة، الغابات الكثيفة، ونهر الدونايتس، مع أجواء الريف الساحرة، تخلق بيئة مثالية للراحة والاسترخاء. تعد هذه المناظر الطبيعية من بين أجمل مناطق بولندا، مما يجعلها مكانًا مريحًا ومناسبًا للباحثين عن النقاهة.
تتنوع خيارات الإقامة في شتافنيتسا من حيث الفنادق، وتناسب جميع الأذواق والميزانيات. استمتعنا بالإقامة في فندق “بينني جراند” ذو الخمس نجوم، الذي منحنا إطلالة رائعة على قمم الجبال من الأدوار العليا. كان الوقت في فصل الخريف، حيث كانت ألوان الأشجار المميزة تمنح المشهد جمالًا خلابًا.
يوفر المنتجع تجربة شاملة ومريحة للضيوف، حيث يجمع بين جميع وسائل الراحة، بما في ذلك الساونا، حمامات السباحة، وجميع عناصر السبا. المطاعم البولندية المتخصصة في طهي الأطباق التقليدية تعتمد على وصفات إقليمية، وتنتشر في كل مكان، مقدمة أطباقًا لذيذة تشمل الجبنة والعسل التي ينتجها القرويون في المنطقة.
الفعاليات في شتافنيتسا لا تتوقف على مدار العام. ففي الشتاء تزدهر رياضة التزلج على الجليد، بينما في الصيف والربيع تصبح الأنشطة الخارجية مثل المشي في الطبيعة، تسلق الجبال، ركوب الخيل، ورياضة التجديف عبر نهر دونياتس هي الأكثر شيوعًا.
عائلة الكونت آدم ستادنيكي التي تمتلك المنتجع تخطط لتنفيذ العديد من المشروعات بعد أن استعادته في عام 2005. كانت الحكومة البولندية قد وافقت على إعادة الملكية بعد أن قدمت العائلة طلبًا لاسترداده، حيث كانت الحكومة الشيوعية قد أممته في عام 1948. خلال فترة التأميم، تم تحويله إلى مصحة لعلاج عمال المناجم، وعمال البناء، وصناع الورق. الآن، يسعى أندريه مانكوفسكي، حفيد الكونت آدم، وزوجته إلى جمع الموارد المالية من أجل استعادة السحر والروعة السابقة للمنتجع، والمنافسة على المستوى العالمي. في عام 2008، تم افتتاح بئر المياه القديمة في ساحة المدينة، وتشغيل مقهى “هلينيكا” الذي يتميز بمزيج من الهندسة المعمارية التقليدية والتصميم الحديث.
تعتبر قمم جبال “Trzy Korony” التي كانت تسمي بينيني من قبل واحدة من أجمل المشاهد التي يمكن التمتع بها في شتافنيتسا. قمة “كروني” هي أعلى قمة في جبال بينيني، وترتفع إلى 982 مترًا عن سطح البحر. وقد أُطلق عليها اسم “تريتشي كوروني” في القرن الماضي نسبة إلى الصخور الجميلة المصنوعة من الحجر الجيري. يمكن الوصول إلى قمة الجبل عبر سلالم معدنية، كما توجد عدة مسارات تؤدي إلى القمة من اتجاهات مختلفة، وكل مسار منها يمنح إطلالة مميزة على الجبال.
إحدى الأنشطة التي لا يمكن تفويتها أثناء زيارة الجبال والمنتجع هي جولة الطوافات الخشبية الشهيرة في نهر دونياتس، الذي يشكل الحدود بين بولندا وسلوفاكيا. تعود هذه الطوافات إلى القرن التاسع عشر، وهي مدرجة ضمن القائمة الوطنية للتراث الوطني. تستغرق الرحلة على متن الطوافة حوالي 90 دقيقة، وتتراوح المسافة بين ميناءي Szczawnica وSromowiec Niżne بين 12 و18 كيلومترًا، وتستغرق الرحلة على الطوفة ما بين ساعة و45 دقيقة إلى ساعتين و15 دقيقة. سعر التذكرة العادية 49 زلوتي بولندي، بينما يبلغ سعر التذكرة المخفضة 24.50 زلوتي.
قادة الطوافات يرتدون زيًا تقليديًا يشمل قمصانًا بيضاء وسترات زرقاء مزينة بأزهار ملونة. بالإضافة إلى ذلك، يرتدون سراويل صوفية بيضاء مزينة باللون الأحمر، وحذاءً خاصًا بالرعاة، ويضعون على رؤوسهم قبعات سوداء. يتولى قيادة الطوافة شخصان، أحدهما في المقدمة والآخر في المؤخرة، حيث يتحكمان في الاتجاه باستخدام عصا طويلة تشبه المجداف. تعمل الطوفات من بداية أبريل وحتى نهاية أكتوبر، وتكون الطوافة عادة مكونة من خمسة قوارب ضيقة يتم تجميعها باستخدام عوارض خشبية، وبعد انتهاء الرحلة يتم تفكيك الطوفة وإعادة تجميعها في بداية الطريق.
الطبيعة المحيطة بنهر دونياتس مليئة بالنباتات النادرة والطيور الجميلة. خلال الرحلة، يستمتع الزوار بالهدوء وأصوات الطيور، إضافة إلى المشاهد الطبيعية الخلابة على جانبي النهر. تتميز هذه الرحلة بالعديد من المنعطفات الشديدة التي تضفي طابعًا خاصًا، وتزين قمم الجبال الثلاثة التي ترتفع إلى 982 مترًا المشهد الطبيعي، ما يجعلها واحدة من أجمل التجارب السياحية.
Leave Your Comment