سيدني .. مدينة السحر والجمال
سيدني – د. جمال المجايدة : الرحلة الي استراليا في نصف الكرة الارضية الجنوبي ليست امرا عاديا بل هي رحلة استثنائية لما فيها من مغامرات ومشقة ومتعة واستكشاف لربوع القارة الاسترالية العجيبة !
بمقايس السفر العادية تعد الرحلة استثنائية بالفعل لان رحلة الاتحاد للطيران من ابوظبي الي سيدني 14 ساعة بلاتوقف اضافة الي ستة ساعات فارق التوقيت الزمني بين قارتين , ولولا حب المغامرة في استكشاف المدن والعوالم الجديدة لكانت تلك الرحلة مستحيلة .
وقبل الدخول في التفاصيل لابد من الاعتراف بان زيارة استراليا كانت حلما يروادني منذ الطفولة لانني حينما كنت اشاهدها على خريطة العالم , كنت افكر في كيفية الوصول اليها نسبة لموقعها الجغرافي البعيد عن باقي بلدان العالم .
امضينا لليلة الوصول في الفندق المطل على قلب المدينة وتناولنا طعام الافطار , ثم بدأنا برنامج جولة الاستكشاف لتلك المدينة الرائعة ,, سيدني !
كان يوما جميلا , سماء زرقاء وشمس مشرقة تعكس اشعتها علي رونق اصداف مبني الاوبرا الشهير المطل علي المحيط الهادي في سيدني ، ومبنى دار الاوبرا الشهير الذي يتسم بهندسة معمارية رائعة تفوق الوصف والتصور استوقفني طويلا ورحت اتأمل في تلك الاعجوبة الهندسية الفنية الرائعة .
معالم سياحية جميلة
واينما تجولت في سيدني فانت محاط بمعالم سياحية جميلة تنسيك عناء السفر المضني، وجبال شاهقة يزينها لون ازرق غريب منبعث من صمغ الاشجار، وشواطئ خلابة يرتادها محبو الرياضات البحرية على مدار فصول السنة غير آبهين ببرد الشتاء القصير، ومزارع عنب شاسعة وقمم جبال تكسوها الثلوج، ومحلات تجارية متراصة على جانبي طرقات وسط البلد تدل على ذوق رفيع من خلال الواجهات العملاقة، وحيوانات لا تجدها الا في استراليا منها حيوان الكنغر الذي يمشي فقط الى الامام وليس باستطاعته القفز الى الوراء لذا نجده الرمز الاساسي لاستراليا كونها ترنو الى التقدم الى الامام وحيوان الكوالا الكسول الذي ينام فوق الاغصان لمدة 20 ساعة ويصحو ساعين فقط لاكل اوراق الشجر الطرية !
تعتبر استراليا اليوم من الوجهات المحببة عند العرب لا سيما من اهل الخليج بحيث ارتفعت نسبة الزوار الى 19% عن العام الماضي هذا بالاضافة الى الجاليات العربية المقيمة هناك بشكل دائم، فيوجد في استراليا حوالي 800 مواطن من اصل لبناني، ويعتبر هذا الرقم كبيرا جدا مقارنة بعدد سكان لبنان بالكامل الذي لا يتعدى الـ4 ملايين نسمة هذا بالاضافة الى وجود كثيف للجالية الايطالية واليونانية والصينية.
مابين الاوبرا والجسر !
المسافة البصرية الممتدة مابين دار الاوبرا الي جسر ميناء سيدني تسحر الالباب لجمال المشهد الذي لاتفارقه عيني الزائر ومابينها تختزل مهمة انسانية ابداعية راقية لاتكرر كثيرا في هذا الكون لان الاوبرا من المعجزات المعمارية والجسر ايضا !
تضمنت الجولة السياحية فرصة تسلق جسر سيدني العملاق ، انها فعلا تجربة فريدة من نوعها لا يمكن وصفها، فعلى الرغم من التكلفة الباهظة بعض الشيء بحيث تصل الاسعار الي 280 دولارا استراليا للشخص الواحد وتختلف باختلاف توقيت التسلق فيكون موعد شروق الشمس وغيابها من اغلى الاوقات .
ولابد من الاعتراف بان تسلق الجسر الي ارتفاع 360 مترا فوق سطح البحر تجربة مثيرة مرهقة ومرعبة تخللها الكثير من الاحاسيس الجميلة والمزعجة في ان واحد .
ولكن وبعد الوصول الي قمة الجسر الذي يعد ايقونه سيدني وبوابتها الي العالم وهويتها السياحية للزوار يمكن للمتسلق بأن يري المناظر التي يمكن رؤيتها من اعلى الجسر خلابة في أي وقت من اوقات النهار.
خضعنا لمحاضرة حول كيفية التسلق بحيث يتعين على المتسلقين ارتداء ملابس خفيفة ومريحة واحذية مطاطية اذ يتطلب تسلق الجسر ارتداء ملابس خاصة فوق ملابس الزوار الشخصية.
ويتعين على المتسلقين الخضوع لاختبار خاص لقياس مستوى الكحول في الدم ثم يتعين توقيع نموذج التأمين والمرور عبر جهاز الكشف عن المواد المعدنية.
كما يتعين على المتسلق الانضمام الى جماعة من المتسلقين يخضعون جميعا لتدريب سريع من قبل اشخاص مختصين بتسلق الجسر يقومون باصطحابهم في رحلة التسلق الى اعلى الجسر ويقومون بأخذ الصور التذكارية لهم عند نقطة استراتيجية عالية بحيث لا يسمح لاي شخص حمل أي نوع من آلات التصوير اثناء التسلق تطبيقا لقوانين السلامة العامة.
يستغرق تسلق الجسر حوالي الثلات ساعات ونصف الساعة وفي نهاية المشوار يحصل المتسلق على شهادة مكتوب عليها اسمه تفيد بأنه اكمل مهمة التسلق بنجاح !
في دارلينغ هاربور
تجولنا في دارلينغ هاربور ظهرا بعد الغذاء وعدنا اليه ليلا لنري وجها اخر جميلا لمدينة سيدني , وسيدني بالمناسبة هي مدينة نابضة بالحياة
للسهر في سيدني يمكنك ان تقوم بنزهة على قارب في مرفأ ستريت وورف حيث يمكن ان تتناول العشاء على متن الباخرة على انغام ورقص فنانين استراليين، وفي نفس الوقت تستغل وجودك على متن الباخرة لتتمتع بمناظر سيدني الجميلة اثناء الليل مرورا بدار الاوبرا ووصولا الى سيدني هاربر بريدج، ويستغرق العشاء والنزهة حوالي الساعتين من الوقت.
يتمتع ميناء دالينغ هاربور وخليج كوكل بسحر خاص وهما على مسافة قصيرة من وسط المدينة وعلى بعد دقائق بواسطة «المونو رايل» القطار على السكة الاحادية او التاكسي البحري.
وتعتبر زيارة هذا الميناء مثالية للعائلات فهناك العديد من النشاطات الجميلة مثل زيارة الاكواريوم الذي يحتوي على جميع انواع الاسماك مثل سمك الحيد البحري المرجاني وعجول البحر والفقمة وسمك القرش، كما ان متحف باور هاوس يقدم نشاطات خاصة بالاطفال خلال العطل المدرسية كعرض الافلام على شاشة ثلاثية الابعاد، ويفتح الاكواريم ابوابه لغاية الساعة العاشرة مساء.
واثناء تجوالنا في دالينغ هاربور رحبا نراقب الحركة المستمرة للطائرات المائية التي تقدم خدمة التنقل في ارجاء سيدني فهي بمثابة تاكسي جوي وبحري في آن معا.
النزهة البحرية في الميناء هي جزء اساسي من زيارة سيدني فاستخدم خدمات المركب العام المنتظمة لاستكشاف الميناء ولزيارة اجزاء اخرى من المدينة .
بعد العودة الي الفندق لاستراحة قصيرة استؤنفت الجولة لزيارة تزوروا الحدائق النباتية المحاذية لدار الاوبرا ومن ثم حملتنا اقدامنا الي المتحف الوطني المطل علي الحديقة ومنه الي برج سيدني الشهير لرؤية المدينة والتعرف علي معالمها من اعلي نقطة.
فوق قمة البرج التي تصل الي 350 مترا خضنا تجربة السير في الهواء الطلق اعلي القمة ونحن مقيدين بسلاسل فولاذية خشية السقوط المفاجئ من علو شاهق !
وتتطلب تلك التجربة قلبا قويا وخاصة مع الارشادات الكثيرة والمرهقة التي يميلها عليك طاقم العمل في البرج , طبعا تجوال حر فوق علو شاهق ينسيك الخوف في تلك اللحظة متعة المشاهدة وايا كانت قدرة الزائر فانه يرتجف خوفا حينما يسير علي لوحات زجاجية تظهر من تحتها المدينة في اجحام متناهية الصغر !
في حديقة تارونغا
تضمن البرنامج الذي اعدته الاتحاد للطيران جولة في حديقة تارونغا
التي تضم حيوانات غابات الدنيا بأكملها في حديقة واحدة، واعتقد انها العنوان المثالي للعائلات خاصة وانها تتمتع بموقع رائع على تلة مطلة على جميع معالم سيدني السياحية الجميلة، والجميل في الحديقة هو امكانية التجول فيها مشيا على الاقدام ومن ثم يمكن ان تستقل مصعدا كهربائيا (تيليفيريك) لتتمتع بأجمل المناظر.
وعندما تزور سيدني سوف تفاجأ بالكم الهائل من الفنادق الفخمة والعصرية التي ترضي جميع الاذواق، فهناك الفنادق الراقية التي تتميز بتصاميم انجليزية على الطراز الفكتوري مثل فندق سوفوتيل الذي اقمنا به لمدة ثلاث ليال , واخرى تحاكي عصرنا الحالي بلغة الألوان الصارخة والتصميم المفعم بالحيوية والشباب.
في ختام جولتنا السياحية , لابد من القول ان سيدني التي يعتبرها البعض عاصمة القارة الأسترالية لا تزال تحتل مكانة كبيرة في أعين كثير من زائريها.
وقد استمدت تلك المدينة شهرتها العالمية في عالم السياحة والسفر من مناخها الرائع الذي يصعب توافره في العديد من مدن العالم الأخرى طوال شهور السنة .
معلومات اساسية : سيدني هي عاصمة مقاطعة في نيو ساوث ويلز ، وأكبر وأقدم مدينة في أستراليا. تم تأسيسها في عام 1788 على يد أرثر فيليب، قائد أول أسطول بريطاني يصل إلى أستراليا. يبلغ عدد سكانها حوالي 4.12 نسمة. وهي أول مستوطنة أوروبية في القارة الأسترالية.
تعتبر سيدني أكبر مركز اقتصادي وتجاري وثقافي في أستراليا. أما أهم قطاعاتها الاقتصادية فهي: العقارات وخدمات الأعمال، والتصنيع، والسياحة والإعلام والصحة والخدمات الاجتماعية.
تعد سيدني من المناطق التي لهااتجاه سياحى محلي وعالمي، وذلك بفضل شواطئها ومعلميها الأساسيين، وهما جسر هاربر ودار الأوبرا. كما أن المدينة محاطة بالحدائق الوطنية وتحوي العديد من الخلجان والأنهار.
تعد سيدني من أكثر المدن تنوعاً ثقافياً، وهذا يعكس أهميتها كأحد أهم المدن التي تجتذب المهاجرين في أستراليا.
Leave Your Comment