
طهران .. مدينة الملوك منذ العهد الصفويشمالها برجوازي راق وجنوبها لازال ينتظر الفرج !
طهران – د.جمال المجايدة : طهران كانت الوجهة الرئيسية لنا ,غير ان الوصول اليها لم سهلا فكل الطرق تؤدي الي طهران ولكن بمشقة كبيرة بسبب الزحام المروري غير المعهود .
هانحن في (ميدان ازادي) العملاق الذي بناه شاه ايران الراحل محمد رضا بهلوي عام 1971 ليكون رمزا لقوة ايران وعظمتها , الميدان اليوم هو أيقونة طهران بالاضافة الى برج طهران في شمال العاصمة مواجها للجبال بارتفاع 450 مترا .
ميدان ازادي يعج بالزوار القادمين للاطلاع علي معالمه والتقاط الصور والتنزه لاسيما وانه مقام علي مساحة ارض تبلغ 50 الف متر مربع كما ان البرج المصمم بطريقة هندسية معقدة علي ارتفاع 45 مترا يعد منجزا معماريا مميزا لكل من يتامله هذا بالاضافة الي وجود متحف ومكتبة وقاعة لعرض الافلام ومحلات لبيع الصناعات اليدوية والتحف في طبقاته الارضية مع عدد من الباعة المتجولين والاطفال الصغار قارئي الحظ باستخدام الطيور الملونة .
عاصمة قارية :
تاريخ طهران يقول ان المدينة ظهرت الي حيز الوجود عندما نزح اليها اهالي مدينة ( ري ) التي دمرها المغول وبدات منذ ذلك التاريخ تنتعش حتي تحولت الي مدينة ابان العهد الصفوي فالملك طهماسب عشقها واخذ يتغني بها بعد ان اتخذها عاصمة له وراح يبني حولها القلاع والاسوار حتي انتصيبت حولها اربعة ابواب هي باب شميران وقزوين ودولاب وعبد العظيم ,
ويقال انه في العهد القاجاري وبعهده البهلوي اخذت طهران تزداد اتساعا مع الايام الي ان جاء الشاه رضا بهلوي وازال الابواب رغبة في توسيع المدينة التي تبلغ مساحتها 1,200 مليون كيلومتر مربع, ويلاحظ الزائر ان شمال طهران حيث القصور الامبراطورية بارد ومعتدل خلال الصيف لقربه من قمم جبال البرز الثلجية وجنوبها صحراوي حار جدا ويعيش في طهران الفارسي والتركي والكردي والعربي والمسلم والمسيحي واليهودي هي باختصار مدينة يتعايش فيها الجميع تحت قانون الجمهورية الاسلامية.
برجوازية طهران
شمال طهران يعرف بالاحياء البرجوزاية التي كان يقطنها المقربين من الشاه السابق وحاشيته نظرا لجمال الطبيعة فيه , فالبيوت هناك مبنية علي طرز اسلامية اشبه بالقصور تظللها اشجار وتحيط بها جداول مياه تنهمر من اعالي الجبال .
لقد امضينا في ضاحية ( دربند ) الراقية شمال طهران يوما كاملا وهي منطقة اعوان الشاه السابقين واليوم تحولت الي ملتقي للسياح الايرانيين القادمين من خارج ايران والزوار الاجانب من مختلف الاجناس وتتسلق منعطافاتها المشرفة علي الانهار الصغيرة المملؤة بمياه ينابيع الجبال والمشاهد الطبيعية الجميلة .
علي طول الطريق الجبلي الذي يشق تلك الضاحية الي اعلي تنتشر المطاعم والاستراحات الراقية وتنتهي بمطعم يسلب العقول , مبني علي الطراز القوطي ومطلي بالاصفر البارد والابيض وتحيط به اشجار يزيد عمرها علي ال300 سنة وجداول المياه وخريرها الذي لاينقطع ابدا وحديقة لامثيل لها مليئة باسماك ذهبية وملونة , وبعد السؤال الملح حول ملكية المطعم القصر والي من يعود قالوا انه يرجع الي عائلة السكرتير الخاص للشاه الايراني السابق ( رضا شاه ) منذ 60 عاما , وبعد الثورة فضل الورثة الي تحويله مطعما سياحيا .
جبال البرز
وتاخذك عربة التليفريك الي توجال لتتنقل بك مابين سلسلة جبال البرز وتشاهد من علو يزيد الي الالفي متر طهران كاملة في مشهد بانورامي لامثيل له وخاصة شمالها الذي يعج بالابراج السكنية الشاهقة التي تتراوح مابين 40 الي 45 طابقا وكلها بنيت حديثا خلال الاعوام الثلاثة الماضية ومازال اطولها واعلاها قيد الانشاء ويقال ان الايرانيين توسعوا في بناء الابراج بعد حصولهم علي تقنية خاصة ببناء الابراج السكنية شاهقة الارتفاع والمقاومة للزلازل من اليابان مؤخرا ولوحظ ان جميع الابنية الحديثة في طهران تبني علي دعائم من الحديد المسلح وليس علي اعمدة اسمنتية لان الخبراء مازالوا يتنبأون بحدوث زلزال مدمر في طهران في أي وقت نظرا لوقوعها بين فالقين عملاقين يتحركان نحو بعضهما البعض بسرعة .
المصاعد الكهربائية ( التليفريك تنقلك الي قمم جبلية ترتفع اكثر من 3 الاف متر فوق سطح البحر حيت المقاهي والمطاعم المتناثرة في احضان الجبال وباعة الجور والبندق والذرة المشوية يلاحقون السياح بنداءاتهم او ابتساماتهم التي لاتتوقف .
المساجد هل هي هوية الدولة ام المجتمع ؟
تنشط الحكومة الايرانية في بناء المساجد وتستثمر مليارات الدولارات لهذا الغرض في محاولة منها لتاكيد الهوية الدينية الاسلامية للمجتمع غير ان البعض يتساءل عما اذا كان البناء المحموم للمساجد هو اهتمام الدولة ام المجتمع ام كليهما معا ؟
الناس في ايران يذهبون للصلاة في المسجد غير انهم ليسوا مهتمين او غير قادرين علي التبرع لصناديق بناء المساجد وبالتالي فان الدولة في اغلب الاحيان هي التي تتحمل هذه المسؤولية ولما لا طالما ان الهدف المركزي لها هو ترسيخ الحكم الاسلامي ومحاربة العلمانية التي طالما حكمت ايران علي مدي قرون سابقة .
في كل مدينة او قرية ورش لبناء المساجد لكن اكثر ما يشد الانتباه هو ورشة العمل الكبري في مصلي طهران الكبير المقام علي مساحة قدرها مليوني متر مربع في منطقة ( عباس اباد ) القريبة من طهران وتبلغ المساحة المسقوفة في المشروع 400400 مترمربع تعلوها 14 ماذنة وسقوف ذات قباب واخاذيد ضخمة جدا ويضم هذا البناء العملاق الذي لاتعرف تكلفته علي وجه التحديد متحف الثورة الاسلامية ومبني للشؤون الثقافية ومكتبة عامة ومسرح ومركز للدراسات والابحاث ومركز صحي وسلسلة متاجر ومنشات ادارية ومكاتب سياحية وفنادق .
متحف الشهداء :
اكثر مايلفت نظر زائر طهران هو صور الشهداء المرسومة علي جدران المباني الضخمة او في الميادين الرئيسية , وكأن المسؤولين يريدون ان يبلغوا العالم ان ايران هي بلد الشهداء , فهي البلد التي قدمت مئات الالاف من الشهداء خلال فترة الثورة علي الحكم الاستبدادي في زمن الشاه او طوال سنوات الحرب التسع مع العراق .
واقامت الحكومة متحفا للشهداء عام 1996 وسط العاصمة , كما اسست وزارة تعني بشؤون عائلات الشهداء وتوفر لهم العمل ومتطلبات الحياة .
يقول المسؤول عن المتحف ان الغرض منه هو تكريم الشهداء ونشر وتعميق ثقافة الشهادة في المجتمع الايراني , ويضم المتحف مقتنيات الشهداء الايرانيين منذ الحركة الدستورية وحتي انتصار الثورة خاصة اولئك الذين سقطوا في العهد البهلوي الاول ( رضا خان ) الي جانب الشهداء الذين سقطوا خلال العهد البهلوي الثاني ( محمد رضا بهلوي ) وهم من اعضاء تنظيم ( فدائيي الاسلام ) واولئك الذي سقطوا في الحرب مع العراق ويضم المتحف الذي تزين جدرانه اعمال فنية من رسومات وخط ومنمنمات مذهبة تروي فضائل الشهادة وتمجد الاستشهاديين , ويقول المشرف ” لقد سعينا في هذا المكان عرض جوانب من جهاد وجهود الشخصيات لتاريخية الكبيرة خلال القرن الاخير من اجل دراسة جذور الثورة الايرانية استنادا للاثار المدونة وغير المدونة للشهداء , ومن ابرزهم اية الله السيد حسن مدرس والشيخ محمد خياباني والشيخ فضل الله نوري وميرزا كوجك خاون وهم من شهداء العهد البهلوي الاول ( رضا خان ) , اما ابرزالقيادات الذي سقطوا في العهد البهلوي الثاني ( محمد رضا بهلوي ) والذي يدون المتحف تراثهم هم اية الله مرتضي مطهري واية الله محمد مفتح واية الله الدكتور بهشتي .
وتعتزم الحكومة الايرانية تعميم فكرة متاحف الشهداء في كافة انحاء المدن الرئيسية الكبري حيث افتتح مؤخرا متحف مماثل في مدن بحر قزوين وكرمنشاه وزنجان لنشر ثقافة الاستشهاد”
وفي المتحف ايضا شريحة فصائلية من شهداء فلسطين وابطال الانتفاضة تضم صورا ومقتنيات الشهيد فتحي الشقاقي الامين العام السابق لحركة الجهاد الاسلامي الذي اغتاله الموساد في مالطا قبل سنوات واعضاء التنظيم الذي استشهدوا في فلسطين مع صورتين للطفل الشهيد محمد الدرة والطفلة الشهيدة ايمان حجو بالاضافة الي صور عدد من شهداء حزب الله اللبناني.
ولم يكن المشرف راغبا في الحديث حول اسباب اختيار شهداء حركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية دون غيرهم في المتحف واثر الحديث حول احتمالات الحل السلمي في فلسطين وماذا كانت اسرائيل راغبة في السلام حقا !
Leave Your Comment